وقّع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف اتفاقًا دفاعيًا مشتركًا في الرياض هذا الأسبوع، كما كتب هارون جنجوعه. نص الاتفاق على أن أي اعتداء يستهدف إحدى الدولتين يُعد اعتداءً على الأخرى، ما يعكس رغبة مشتركة في تعزيز الأمن الإقليمي وردع أي تهديدات محتملة.
أوضح موقع دويشته فيله أنّ باكستان والسعودية دفعتا بالعلاقة الأمنية إلى مستوى جديد من الشراكة، في لحظة حساسة تتصاعد فيها المخاطر بالشرق الأوسط. وأظهر التلفزيون الرسمي الباكستاني مشهد المعانقة بين الزعيمين بحضور قائد الجيش الباكستاني أسيم منير، الرجل الأقوى في البلاد.
أكدت وزارة الدفاع الباكستانية أنّ قدرات البلاد النووية ستوضع تحت تصرّف السعودية إذا اقتضت الحاجة. وقال وزير الدفاع خواجة محمد آصف في مقابلة تلفزيونية، إن إمكانات الردع النووي التي راكمتها إسلام آباد منذ تجاربها النووية ستُتاح للرياض بموجب الاتفاق. بذلك اعترفت باكستان لأول مرة بامتداد مظلتها النووية إلى المملكة.
ترتبط الدولتان بعلاقات راسخة قائمة على الدين والمصالح الاستراتيجية. تملك باكستان أكبر جيش في العالم الإسلامي وهي الدولة المسلمة الوحيدة ذات السلاح النووي، فيما قدّمت السعودية مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد الباكستاني المتعثر. إضافة إلى ذلك، ينتشر نحو ألفي جندي باكستاني على الأراضي السعودية في مهام تدريب وتشغيل.
ويرى محللون أن الاتفاق يشكل لحظة محورية في العلاقات الثنائية. مليحة لودهي، الدبلوماسية الباكستانية السابقة، وصفت المعاهدة بأنها "تطور بارز يعزز الروابط الأمنية القائمة ويدفعها إلى مستوى أعلى". أما إليزابيث ثريلكلد من مركز "ستيمسون" في واشنطن فاعتبرت الإعلان "خطوة كبيرة تؤكد مكانة باكستان كلاعب أمني في الشرق الأوسط، وتدعم اعتمادها على السعودية كمصدر للطاقة والتمويل".
مع ذلك، شدّد الخبير الأمني غفار حسين على أنّ الصفقة تحمل "رمزية أكثر من مضمون استراتيجي". فالسعودية تكسب صورة الارتباط بقوة نووية، بينما تعيد باكستان تأكيد حضورها الإقليمي بعد سنوات من التراجع.
يتزامن الاتفاق مع تنامي الشكوك في اعتماد دول المنطقة على الولايات المتحدة كحليف أمني موثوق. بعض المراقبين قرأوا التوقيت كإشارة إلى إسرائيل، التي كثفت عملياتها العسكرية في المنطقة بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023. ورغم أن العمل على الاتفاق بدأ قبل الضربة الإسرائيلية في الدوحة، إلا أن لودهي اعتبرت أنّ الهجوم عجّل بإنجازه، في ظل سعي الرياض إلى تنويع خياراتها الأمنية.
أشار حسين إلى أنّ الاتفاق أقرب إلى رهان ضد إيران أكثر من كونه موجّهًا لإسرائيل، مستشهدًا بالقلق الخليجي من برنامج طهران النووي. يوفر الاتفاق، برأيه، للسعودية "طريقًا مختصرًا" نحو قدرات نووية إذا امتلكت إيران السلاح، ويوجه رسالة إلى واشنطن بأن الرياض تشكك في ضماناتها الأمنية.
علقت الهند، الخصم التاريخي لباكستان، على التطور بقلق، وأعلنت وزارة خارجيتها أنها ستدرس تداعياته على الأمن القومي والاستقرار الإقليمي. العلاقات بين نيودلهي وإسلام آباد تعيش أسوأ مراحلها بعد حروب وصدامات متكررة منذ استقلالهما عام 1947.
على المستوى الداخلي، يتوقع محللون أن يعمّق الاتفاق هيمنة المؤسسة العسكرية على المشهد السياسي في باكستان. الجيش حكم البلاد نصف تاريخها تقريبًا ويظل القوة الأكثر نفوذًا رغم ادعائه الابتعاد عن السياسة. حسين يرى أنّ كل التزام خارجي يعزز نفوذ الجيش في السياسة الداخلية، ما يؤدي إلى تآكل الديمقراطية وتقليص سلطة المدنيين.
شارك المحلل القانوني أسامة مالك الرأي ذاته، مؤكّدًا أنّ الاتفاق سيزيد قبضة الجيش على الحكم ويجعل المعارضة أكثر عرضة للملاحقة، في وقت تصبح المؤسسة العسكرية أكثر حساسية تجاه النقد من الإعلاميين والناشطين الحقوقيين.
https://www.dw.com/en/whats-behind-the-pakistan-saudi-arabia-defense-pact/a-74062506